مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الرابع ) - في حب الله عز وجل

728x90 AdSpace

أخر المواضيع
الاثنين، 23 نوفمبر 2015

مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الرابع )



أعلم ياسيدي أن لكل اسم من أسماء الله تعالى بابا يوصل إليه , ومعراجا يرقى عليه , وروحانية يصعد بها , فتسير الدعوة في هذه المدارج , وتصعد على تلك المعارج , وتسبح في بروج من نور , مخترقة الحُجُب والستور . فمتى جاوزت الدعوة فمَ قائلها , تجسدت في صورتها ؛ حتى تصل إلى خالقها  " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " لأن لكل إنسان في السماء بابين باب ينزل منه رزقه , وباب يصعد إليه عمله ؛ ومن هنا  تُحشر النفوس على صورة علمها , والأجسام على هيئة عملها . والناس في ذلك متفاوتون . ومن أحب شيئا أكثر من ذكره . وهذا مقام لانهاية لمداه , وبحر لا ساحل له , وما أخذ الناس من هذه المعاني , إلا كرشفة العصفور , من مياه البحور .



نسأل الله العلى القادر , أن يُخلصنا من شوائب الأغيار , وأن يشغلنا بلذة المناجاة عن عرض الحاجات , فلا نرضى بغيره بديلا : " لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ".



فهيا إلى ذكر الأسماء , ولا يكن همنا العمل فحسب , بل الإخلاص في العمل , فما جعل الله الأذان , إلا لمن شغلته الأكوان . واعلم أن كل نعمة تشغلك عن ربك , إنما هي نقمة , وكل عطية تُلهيك عن مولاك .. فهى بليّة.



وأسماء الله ليس في وسع المخلوقات حصرها ولا إحصاؤها , فهى كثيرة والمسمى واحد " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحُسنى " .



واعلم أن افضل الأذكار خفيها , واشرف الأنفاس أحرها .. فتبوأ من الأسماء حيث تشاء , ولا تجالس الموتى من الأحياء , فالرسول الكريم يقول : ( إياكم ومجالسة الموتى . قالوا : وما الموتى يارسول الله ؟ قال  أهل الدنيا ) ؛ لإنهم لا يُراءون إلا من وافق هواه أهوائهم وطبعه طباعهم فمن خالف مشربهم فروا منه وأهملوه , وإذا صادفهم تجاهلوه . ومن هنا نراهم من هذا الكلام لا يتأثرون , وبهذا الحديث لا يؤمنون ؛ لأنهم بلذائذ النفوس مشتغلون ؛ فكم رأينا من أصحاب الجاه والأموال , من يفر منه الأخلاء عند زوال الجاه والمال , وما كان هذا ليحدث لولا غفلتهم وإعراضهم , فحقت عليهم كلمة ربك : " ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا " ومن هنا مات أهل الدنيا وهم أحياء , وعاش أهل الذكر الأوفياء , الذين إن حضروا لم يُعرفوا , وإن غابوا لم يُفقدوا و يجهلهم أهل الأرض , ويعرفهم أهل السماء , هؤلاء هم أهل السلامة , وأصحاب الكرامة , رضي الله عنهم ورضوا عنه .



فياسيدي القارئ : طر بجناح همتك إلى ساحة الفضاء و وجز بروحك عوالم العلا , وانظر إلى سماء الذكر تشاهد عالم الأخرة الخطير و الذى هو موطنك الأول والأخير , فمن نظر ببصيرة الإيقان والإيمان أغناه ذلك عن الدليل والبرهان , لأن أرباب الدليل والبرهان , عوامٌ عن أهل الشهود والعيان .



فافتح بالذكر باب المراسلة , فهو طريق المواصلة , وإذا أردت علاج جسدك فعالج رُوحك أولا , وأحذر أن تكون عيناك ممن لا تعرف الدموع ؛ واستعد للرحيل , فالسفر قريب , والطريق طويل , والزاد قليل " ولا ينبئك مثل خبير " . فعليك بالرياضيات والمجاهدات حتى لا تحرم نفائس الطاعات .



فما أسعد الأيام على الذاكرين , وما أضيق الحياة على الغافلين , فيا أهل العهود  أوفوا بالعقود , فمن فتح باب الدعاء , فُتحت له أبواب السماء . والذاكر لا يخرج عن الشرع قيد شبر , ولا يغتر بما يشاهد من أسرار , فإن أُعطى شاهد الله معطيا , وإن مُنع رأى الله مانعا , ويكون مع الخلق ظاهرا , ومع الله باطنا .



وقد مهدت بهذه المقدمه لأستنهض همتك لذكر أسماء الله الحسنى المباركة , مجتمعا ومنفردا , على اي حال , وفي كل زمان , فلا تُقيد نفسك بوقت ولا مكان ولا عدد ؛ حتى لا يضيع عمرك بين التسويف والكسل ؛ وليكن قلبك خاشعا ضارعا , ونفسك خائفة واجفه , وفكرك حاضرا واعيا , " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين"



انتظروا بمشيئة الله تعالى الجزء الخامس والأخير من مخلوق يبحث عن خالقه


أسألكم الدعاء أختكم هبه
مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الرابع ) Reviewed by Unknown on 5:45 م Rating: 5 أعلم ياسيدي أن لكل اسم من أسماء الله تعالى بابا يوصل إليه , ومعراجا يرقى عليه , وروحانية يصعد بها , فتسير الدعوة في هذه المدارج ,...

ليست هناك تعليقات: