مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الثاني ) - في حب الله عز وجل

728x90 AdSpace

أخر المواضيع
الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الثاني )


هنالك يطمئن الإنسان , ويخلد إلى السكينة والأمان , في جنبات رحابه , وحظيرة أنواره : يُهرع إليه إذا أصابه هم أو  ألم به مكروه , ويفزع إليه بالتضرع والدعاء , والدموع والبكاء ؛ لأن الدعاء وصلة بين الداعين وخالقهم , ورابطة بين الناس ورازقهم , :" قل ما يعبأ بكم ربي لو لا دُعائكم" .


وصدقني ياسيدي ــ ولا إخالك إلا مصدقي ــ أن أعجز الناس من عجز عن الدعاء والتضرع إلى بارئ هذه الكائنات ؛ وكيف لا يكون ذلك والخالق يقول : " ادعوني أستجب لكم " , ويقول سبحانه : " .. فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " ؟ والله لا يريد من خلقه إلا أن يعبدوه " وماخلقت الجن والأنس إلا ليعبدون " , ولن يعبدوه إلا إذا عرفوه , ولن يعرفوه إلا إذا ذكروه.



وقد سهل لنا طريق ذلك بقوله سبحانه : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " أي : سبحوه واذكروه واعبدوه بها ؛ كي نرقى في ذلك إلى أسمى غاية , ونشرب من رحيق المعرفة الكفاية . والرسول الكريم يقول : ( إن لله تسعة وتسعين أسما , من أحصاها دخل الجنة ) . ومعنى أحصاها : حفظها , ووعاها , وعدها , ودعا بها , وكرر تلاوتها متخلقا بها , عالما بمعناها .. والله ــ سبحانه ــ سمى نفسه بما سماها , وجميع الأسماء إلى ربك منتهاها 



وأسماء الله تعالى توفيقية , وليست قياسية , والأسماء هي صفاته العليا , وليست ذاته , فليس في طاقة إنسان أن يتعرض للحديث عن ذات الله ؛ لقصور العقل البشري عن إدراك كُنهها ؛ ولهذا كلفنا بما في طاقتنا من تنزيه الأسماء , قال تعالى  " فسبح بأسم ربك العظيم " و " سبح اسم ربك الأعلى " . ونهينا عن التفكير في ذات الله وصرفنا إلى التفكر في خلقه .. قال صل الله عليه وسلم : ( تفكروا في خلق الله , ولا تتفكروا في ذاته فتهلكوا ) .



هذا ــ واعلم أن لكل اسم صفة ليست في غيره من الأسماء . وجميع ما يظهر في الكون فهو من مقتضيات الأسماء . والإنسان أسير الأسماء , فما يكاد الذاكر يترك أسما إلا وي

ستقبل اسما آخر , إذ أن لكل اسم فلكا وسماء وعرشا يتجلى فيها الحق , وتتنزل منها حكمته  الخاصة من هذه الأسماء , بأيدي سدنة من الأرواح الملائكية النورانية , على قلب الكلمة المحركة , في الروح الخاص لهذا الأسم ومعناه . فما من شئ إلا ولطف الله مخزون فيه , على مقتضى مشيئتة الالَهية وإرادته الأزلية.


والله إنها لفهوم ذوقية , وإشارات معنوية لقوم يتفكرون . ومن هنا تنطبع في الأرواح بذكر الأسماء آثارها , وتشرق على النفوس أنوارها . وكل ما في الكون إنما هو من آثار أسماء الله , وما ثم إلا أسماؤه . وقد خلق الله الوجود دون حاجة إليه , ومن هنا لا يخشى الإنسان في هذه الحياة شيئا  بقدر خوفه من ألا يعيش سعيدا , خصوصا وأن الحياة ماضية في طريقها إلى ما قُدر لها , لا يصدها شئ عن مجراها , وسبحان من " أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " .



وإزاء ذلك ليس أمامنا إلا عمل الطاعات , وفعل الخيرات , ومناجاة الحق بأسمائه , والتخلق بصفاته ؛ لأن الإنسان مظهر للأسماء والصفات , ومرآة لها ؛ كما أنه صورة جامعة من الأسرار الإلَهية , والمعاني الرحمانية ؛ فقد تجلى الله على الأرواح باسمه الحي , فكانت الحياة ؛ ونفخ في الإنسان من روحه , فكان سيد الأحياء ؛ وعلم آدم الأسماء , فسجدت له ملائكة السماء . وأفاض على الشمس من اسمه النور .. فكان النور , وكان الضياء .. ( يتبع )



أنتظروا الجزء الثالث بمشيئة الله تعالى



أسألكم الدعاء أختكم هبه


مخلوق يبحث عن خالقه ( الجزء الثاني ) Reviewed by Unknown on 1:23 م Rating: 5 هنالك يطمئن الإنسان , ويخلد إلى السكينة والأمان , في جنبات رحابه , وحظيرة أنواره : يُهرع إليه إذا أصابه هم أو  ألم به مكروه , ويفزع ...

ليست هناك تعليقات: